مقدمة
تعتبر الملكية التجارية عامل أساسي في تحسين مستوى دخل الأفراد و تشجيع الاستثمار و تنمية الاقتصاد و لئن كانت الملكية التجارية محركا هاما للاستثمار و لبنة أساسية الاقتصاد فإنها لا تقوم إلا بوجود ملكية عقارية تقوم بقيامها و تزول بزوالها.
و لما كانت هذه العلاقة هي المدخل الأساس لتحقيق للاستثمار و تشجيع الاقتصاد ، حاول المشرع حماية التوازن بين الملكية التجارية و العقارية و ذلك من خلال الحماية التشريعية للعلاقة الكرائية و حماية حق الكراء التجاري و ضمان حقوق المالك الحقيقي للعقار وذلك من خلال تقوية العلاقة التعاقدية بين المكري و المكتري و تجاوز هشاشتها وضمان استمرارها.
إذ أن حماية الحق في الكراء كان أولوية المشرع عبر أزمنة عابرة باعتباره حقا مشروعا قد أحاط المشرع هذا الحق بالحماية منذ وقت الحماية وصدور قانون الإلتزامات و العقود إلى لى حين صدور ظهير 24 ماي، 1955 غير أن هذه الحماية كانت لا تنسجم و التطورات التي عرفها الاقتصاد الوطني بل كانت بعض النصوص القانونية نفسها عائقا أمام تحقيق التطور و التنمية على مستوى الاستثمار و التنمية الاقتصادية، إذ "ن العلاقة الكرائية ظلت جامدة، ولعل المشرع تفطن لهذه الإشكالات التي تعيق تطوير الملكية التجارية فعمل على إلغاء ظهير 24 ماي 1955 الذي كان ينظم عقود الكراء التجاري وتعويضه بقانون الكراء التجاري الجديد رقم 16_49 والذي حاول من خلاله المشرع تجاوز الهفوات و النواقص التي كانت تذوب الظهير الملغى و خلق توازن بين حق المكري و المكتري و ذلك عن طريق ضمان استمرار العلاقة التعاقدية و ضمان تطويرها و استمراره بما يتماشى مع تحقيق الأمن التعاقدي و منه الأمن القانوني .
و تتجلى أهمية قانون الكراء التجاري الجديد في تعزيز الترسانة القانونية في مجال الكراء و إسهامه في تشجيع الاستثمار و التنمية و ضمان استقرار المعاملات و تحقيق نوع من التوازن في العلاقة الكرائية بين المكري و المكتري بالإضافة إلى الإجابة على جملة من الإشكالات التي كانت موجودة مع الظهير الملغى و التي تم من خلاله تكريس الاجتهاد القضائي الذي استقر عبر أزيد من ست عقود كما تكمن أهمية القانون الجديد في ملامسة الاختلالات التي كانت موجودة على مستوى تطبيق ظهير الملغى.
كما اعتبر هذا القانون تنزيلا لاجتهادات القضاء المغربي التي تكرست منذ عقود عبر محاكم المملكة.
وإن كان عقد الكراء هو عقد بين طرفين (المكري و المكتري) الذي يتم بمقتضاه تمكين المكتري من منفعة الشيء المكترى من قبل المكري مقابل أداء وجيبة كرائية و ان كان هذا العقد يشمل كل عقود الكراء. فإن عقد الكراء التجاري يتميز بالخصوصية من حيث التنظيم و ضبط العلاقة التعاقدي ونظرا لأهمية الكراء التجاري في التنمية و الاستثمار حاول المشرع المغربي تنظيم و ضبط أوجه العلاقة الكرائية بين طرفيها بما يضمن استمرارها و استقرار المعاملات و من أجل كل هذا فإن تدخل المشرع كان بواسطة قواعد آمرة تحمي مراكز أطراف العلاقة الكرائية و تضمن استمرار المؤسسات التجارية.
وبناءا على ما سبق فإن موضوع مستجدات الكراء التجاري يطرح إشكالية أساسية تتجلى في:
إلى أي حد استطاع المشرع المغربي من خلال المستجدات التي حملها القانون رقم 16_49 من تجاوز النواقص و الهفوات التي كانت تعتري ظهير 1955 وخلق توازن بين أطراف العلاقة الكرائية و ضمان استمرار واستقرار المعاملات؟ .
ومنه يمكن طرح التساؤلات التالية
ما هي حدود وشروط تطبيق قانون الكراء التجاري الجديد ؟ و ما هي الضمانات الممنوحة لأطراف العلاقة الكرائية ؟
و للإجابة على الإشكالية يمكن تقسيم الموضوع على النحو الأتي :
المحور الأول :نطاق و شروط تطبيق قانون الكراء التجاري الجديد.
المحور الثاني :حدود حماية أطراف العلاقة الكرائية وفق القانون الجديد
المحور الأول :نطاق وشروط تطبيق قانون الكراء التجاري الجديد رقم 16_49
جاء القانون الجديد للكراء التجاري رقم 16_49 بمستجدات خلافا لما كان عليه الظهير الملغى ظهير 24 ماي 1955،حيث حاول المشرع في القانون الجديد خلق توازن في العلاقة الكرائية في قراءة مواد القانون 16 _49 يتبين أن المشرع حاول تحديد نطاق التطبيق بدقة وذلك من خلال التطرق لمجالات تطبيق القانون ثم الحالات المستثناة من تطبيق القانون الجديد
كما تطرق القانون لشروط أساسية يجب توافرها مجتمعة حتى يمكن تطبيق القانون .
المطلب الأول:نطاق تطبيق الكراء التجاري
بقراء مواد القانون الجديد يتضح جاليا أن المشرع حدد بنوع من الدقة مجالات تطبيق القانون الجديد كما حدد في مادة أخرى الحالات المستثناة من التطبيق
الفقرة الأولى :نطاق تطبيق القانون الجديد للكراء التجاري
بالرجوع إلى المادة الأولى من القانون 16_49 المنظم للعلاقة الكرائية للمحلات المخصصة للإستعمال التجاري و الصناعي و الحرفي يتبن أن مجالات تطبيق القانون هي
المحلات التي يستغل فيها أصل تجاري في ملكية تاجر أو صناعي أو حرفي وهو ما يتماشى مع مواد 6 و7و8 من مدونة التجارة
و يطبق القانون على المحلات الملحقة بالمحل الذي يستغل فيه الأصل التجاري شريطة موافقة المالك المكتوبة و أن يستغل الملحق لنفس الهدف الذي يستغل فيه المحل الأصلي
كما أنه من مجالات تطبيق القانون الجديد العقارات العارية أي الأرضي العارية التي يمكن أن تشيد عليها أبنية لاستغلال أصل تجاري بشرط موافقة المالك كتابة
وإن كانت هذه المجالات منصوص عليها من قبل في ظهير 1955 فإن القانون الجديد أضاف مجالات أخرى لم تكون من قبل
ويتعلق الأمر بالمحلات التي يمارس فيها مؤسسة التعليم الخصوصي نشاطها
و كذا المحلات التي تمارس فيها التعاونيات نشاطها التجاري
و المحلات التي تمارس فيها المصحات و الصيدليات و المختبرات التحليل الطبية وعيادة الفحص بالأشعة لنشاطها
الفقرة الثانية:الحالات المستثناة من تطبيق القانون الجديد
مبدأيا لا يطبق قانون الكراء التجاري على عقود الكراء الطويلة الأمد لأن هذه الأخيرة تخضع لأحكام خاصة حتى لا يتم تأبيد عقد الكراء التجاري
و لا يطبق القانون على العقارات التابعة لملك الأحباس لأن أكرية الأحباس تخضع لنص خاص نظرا لخصوصيتها
و لا يطبق القانون على كراء الأملاك العامة للدولة و الهيئات العامة التابعة لها كما لا يطبق على الأملاك الخاصة للدولة أو الجماعات المحلية التي يمارس فيها نشاط تجاري يستهدف تحقيق المصلحة العامة مثل كراء المقاهي و المطاعم الجامعية...
كما لا يشمل مجال تطبيق القانون كراء الأصل التجاري للتسيير الحر أو عقد التيسير الحر لأنه عقد يجمع بين مالك الأصل التجاري و المسير الحر في حين أن القانون يطبق على على العقد الذي يجمع بين مالك الأصل التجاري وبين مالك المحل الذي يستغل فيه الأصل التجاري
و لا يطبق القانون على عقود الائتمان الايجاري و لا على كراء المحلات المعدة للسكنى
كما لا يطبق هذا القانون على المحلات التجارية ذات العلامة الموحدة و التي تستغل في إطار علامة موحدة وفي صورة موحدة و تسمى المولات
المطلب الثاني : شروط تطبيق قانون الكراء التجاري الجديد
حدد المشرع المغربي في قانون الكراء التجاري الجديد شروط أساسية يجب توافرها مجتمعة حتى يمكن الحديث عن عقد كراء تجاري و خاضع لمقتضيات القانون الجديد فلا يمكن تطبيق القانون الجديد إلا على عقد مكتوب و بعد مدة محددة قانونا و في محل يستغل في إطار أصل تجاري.
الفقرة الأولى:شرط الكتابة
بقراءة المادة 3 من قانون 16_49 يتبين لنا طلبا أن المشرع جعل من الكتابة شرطا ضروري لتكوين عقد الكراء التجاري على خلاف ما كان عليه ظهير 1955 الذي كان يترك الأطراف حرية إثبات العلاقة الكرائية و كانت شهادة الشهود هي الوسيلة الأكثر حضورا على المستوى العملي
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل شرط الكتابة النصوص عليه في المادة 3 هو شرط إثبات أو شرط انعقاد؟
إن القراءة المجردة للمادة أعلاه تضع كل الطرحين جانبا للاعتبارات التالية :
كون أن المشرع لم يحدد أي جزاء على أثر تخلف شرط الكتابة و مدام أن تخلف شرط الكتابة لا يؤدي إلى أبطال العقد و يجعله و العدم سواء فإن شرط الكتابة ليس شرط إنعقاد
أما حول كون الكتابة شرط الإثبات فقط فهذا الطرح قد يكون هو الأقرب لمقتضيات المادة 3 كون أن إثبات عقد الكراء التجاري لا يمكن أن يتم إلا في إطار وجود عقد تم تحريره وفق مقتضيات المادة 3.
لكن هذا المقتضى ليس على إطلاقه مدام أن عقد الكراء يمكن إثباته وفق القواعد العامة المنصوص عليها في ق. ل. ع غير أن هذا العقد لا يمكن أن يكون محل لتطبيق مقتضيات قانون الكراء التجاري الجديد
كما يمكن طرح اشكالية تتعلق بالمقتضيات الواجب تطبيقها على عقد الكراء غير المكتوب أو المحرر في وثيقة عرفية قبل صدور قانون الكراء الجديد؟
بالرجوع إلى مقتضيات المادة 3 من قانون الكراء الجديد يمكن أن نستخلص أن تخلف الكتابة لا يعدم عقد الكراء ر و إنما يستبعده من تطبيق قانون الكراء الجديد و إحالته مباشرة على مقتضيات قانون ق. ل. ع أما الحالات التي كانت قبل صدور القانون فإنها تبقى خاضعة لظهير 24 ماي 1955.
الفقرة الثانية : شرط المدة :
من بين الشروط الأساسية لتكوين عقد الكراء المنصب على الأصل التجاري شرط المدة الذي أشارت إليه المادة 4
وباستقراءنا لمقتضيات المادة 4 من قانون 49.16 نستشف أن احتجاج المكتري بالتمسك بحق التجديد ( حق الإيجار) مقرون بضرورة الانتفاع بالمحل موضوع الكراء التجاري لمدة سنتين على الأقل وبشكل غير متقطع أي استرسال مدة سنتين على الأقل ، غير أنه يمكن الإعفاء من إثبات هذه المدة متى قدم المكتري مبلغا ماليا مقابل الحق في الكراء، على أن يتم التنصيص على هذا المبلغ المدفوع في صلب العقد أو في عقد ملحق.
ومن هذه المادة نستنج أن إثبات استرسال مدة الانتفاع أو الإدلاء بما يفيد الإعفاء من هذه المدة هو بمثابة المدخل الذي يكرس الاعتراف القانوني بالحق في الإيجار (حق التجديد) لفائدة المكتري ، وبالتالي حفظ حقه في اكتساب الملكية التجارية التي تؤهله قانونا في حقه في التصرف في حق الإيجار عن طريق تفويته بعوض أو بدون عوض.
وعليه فان اكتساب الملكية التجارية رهين بالاعتراف بحق التجديد لفائدة المكتري ،الأمر التي يؤهله أن يكون مالكا للأصل التجاري من جهة و حق الإيجار من جهة أخرى، دون غيره (فلا يمكن قطعا اكتساب الملكية التجارية وحق الإيجار من طرف المسير الحر(le gérant libre) ولو كان مقيدا بالسجلات النظامية – السجل التجاري) المادة الرابعة من القانون رقم 16_49 يتبين أن شرط المدة لازم لتكوين العقد وقد اشترطت المادة 4 مدة سنتين لاكتساب الأصل التجاري بالنسبة للمكتري إذ قبل مرور السنتين على العقد يمكن الحديث عن كراء لا أصل تجاري لكن الفقرة الثانية من المادة نفسها حاولت إعطاء حل للمكتري وذلك بدفعه مقابل ثمن الكراء لسنتين ففي هذه الحالة نكون أما عقد كراء لأصل تجاري منذ تحريره و لا يحتاج إلى تجديد
وإن كان شرط المدة هو لحماية الملكية العقارية أي حق المكري فإنه لا يحقق إي ي ضمان بالنسبة للمكتري في حالة رغب المكري في إنهاء العقد قبل مرور السنتين
الفقرة الثالثة شرط المحل:
لتكوين عقد الكراء التجاري فإنه لابد من محل يستغل فيه أصل تجاري والرجوع إلى مقتضيات المادة الأولى التي حددت المحلات المشمولة بمقتضيات القانون التجاري الجديد 16_49
ومنه فإنه لا يمكن تطبيق مقتضيات القانون إلا بتوفر شرط المحل
وهذا المحل يجب أن يستغل فيه نشاط تجاري أو حرفي أو صناعي على سبيل الاسترسال و لفترة مستمرة دون تغيير في المحل أو في نشاط التاجر أو الصناعي أو الحرفي
المحور الثاني :وسائل حماية الحق في الكراء التجاري
في الواقع العملي غالبا ما يكون التاجر مكتري للمحل الذي يمارس فيه نشاطه التجاري ونظرا لأهمية الكراء التجاري في الأصل التجاري تدخل المشرع في القانون الجديد بمجموعة من الضمانات لفائدة أطراف العلاقة الكرائية
ويمكن أن تتمثل هذه الضمانات في تجديد عقد الكراء بالنسبة
للمكتري و إنهائه بالنسبة للمكري بالإضافة إلى جملة من الضمانات الممنوحة لهما معا كحق المطالبة بالإفراغ من جانب المكري و التعويض من جانب للمكتري
المطلب الأول:تجديد عقد الكراء التجاري وإنهائه
باستقراء مقتضيات قانون الكراء التجاري سيتبين لنا أن المشرع منح ضمانات اساسية لأطراف العلاقة التعاقدية
الفقرة الأولى : الحق في تجديد عقد الكراء التجاري
من بين الضمانات التي منحنا المشرع لطرفي العلاقة الكرائية تجديد عقد الكراء، وذلك بمنحهم إمكانية تجديد عقد الكراء و حسب المادة 6 يمكن للمكري والمكتري تجديد العقد و قد يتم تجديد بنفس الشروط أو وفق شروط جديد
أما في حالة ما سكت الطرفين بعد إنقضاء مدة العقد الأول فإن العقد يجدد بصورة قانونية وبنفس الشروط السابقة لنفس المدة الأولى و هذا المقتضى يمكن استضافه من القواعد العامة لعقد الكراء المنصوص عليها في قانون الالتزامات و العقود.
الفقرة الثانية :إنهاء عقد الكراء التجاري
تطرق المشرع المغربي لشروط فسخ عقد الكراء التجاري في المادة 33 من قانون 49.16 التي جاء فيها: "في حالة عدم أداء المكتري لواجبات الكراء لمدة ثلاثة أشهر يجوز للمكري، كلما تضمن عقد الكراء شرطا فاسخا، وبعد توجيه إنذار بالأداء يبقى دون جدوى بعد انصرام أجل 15 يوما من تاريخ التوصل،أن يتقدم بطلب أمام قاضي الأمور المستعجلة لمعاينة تحقق الشرط الفاسخ وإرجاع العقار أو المحل"
واضح إذن من خلال هذه المادة أنه تم إقرار مسطرة خاصة بالإفراغ في حالة تضمين عقد الكراء لشرط فاسخ، ويجب على رئيس المحكمة كقاضي للأمور المستعجلة أو من ينوب عنه التحقق من وجود شرطين كما نصت عليهم المادة 33 من قانون 49.16 وهما:
1-عدم أداء المكتري لواجبات الكراء لمدة ثلاثة أشهر
2-وجود الشرط الفاسخ في عقد الكراء المبرم بين الطرفين
وذلك قصد تمكين المكري من ألية مسطرية فعالة و سريعة ومرنة تخول له الحق في استرجاع محل الكراء بدون اداء اي تعويض في حالة تماطل المكتري في أداء واجبات الكراء لمدة ثلاثة أشهر وهذا خلافا عن المسطرة المنصوص عليها في الفصل 26 من ق الكراء الجديد.
المطلب الثاني : ضمانة التعويض وفقا للقانون49.16.
تماشيا مع القاعدة الفقهية أن الضرر يزال منح المشرع المغربي للمكتري الذي لم يجدد عقد الكراء و الذي تم تفعيل مسطرة الإفراغ في حقه ضمانة التعويض عن الضرر الناجم ناتجة الإفراغ و عدم التجديد
الفقرة الأولى :حماية حق المكتري في التعويض
نصت المادة 6 من القانون 49.16 على أن المكتري يكون محقا في تجديد عقد الكراء متى توفرت مقتضيات الباب الأول من هذا القانون، و لا ينتهي العمل بعقود كراء المحلات أو المحلات و العقارات الخاضعة هذا القانون إلا طبقا لمقتضيات المادة 26 بعده، كما أن فبمجرد عدم التجديد أو الإفراغ من جانب المكري يكون حق المكتري في التعويض ثابتة و كل يعتبر شرطا مخالف باطلا ، في حين أن المادة من نفس القانون عملت إلى تحديد معاير المعتمدة في تحديد التعويض المستحق للمكتري عن إنهاء عقد الكراء، ذلك أن هذه المادة نصت على أن المكتري يستحق تعويضا في حالة استحقاقه يعادل ما لحقه من ضرر ناجم عن الإفراغ عقب انتهاء عقد الكراء وهذا التعويض يجب أن يشمل قيمة الأصل التجاري التي تحدد انطلاقا من التصريحات الضريبية للسنوات الأربع الخيرة بالإضافة إلى ما أنفقه المكتري من تحسينات و إصلاحات و ما فقده من عناصر الأصل التجاري، كما يشمل مصاريف الانتقال من المحل ، و في حالة تقديم المكتري للمكري مبلغا ماليا مقابل الحق في الكراء فإنه لا يمكن أن يقل التعويض عن الإفراغ عن المبلغ المدفوع مقابل الحق في الكراء.
الفقرة الثانية :تحديد التعويض المستحق
إن تحديد قيمة التعويض المستحق بفائدة المكتري يجب أن توازي قيمة الضرر الذي لحقه نتيجة عدم تجديد عقد الكراء من قبل المكري أو نتيجة افراغه. و تبقى السلطة التقديرية للمحكمة هي المحدد الوحيد لقيمة التعويض.
انطلاقا من مقتضيات المادة7 من القانون 49.16 فإنه للمكري أن يثبت أن الضرر الذي لحق بالمكتري أخف من قيمة المذكورة
و التمعن في مقتضيات المادة 7 يفضي بنا إلى الاعتقاد بأن ما جاءت به هذه المادة هو من باب محاربة التملص والتهرب الضريبي من جهة و من جهة أخرى التقليص من السلطة المطلقة للخبراء المعينين من قبل المحاكم في تحديد قيمة الأصل التجاري ، و خلافا لما جاء بالمادة 7 من القانون 49.16 بالخصوص أسس الواجب أداؤها عن إنهاء عقد الكراء لفائدة المكتري في حالة الحكم بإفراغ الجزء المتعلق بالسكن الملحق بالمحل التجاري أو الصناعي أو الحرفي للسكن،حيث يمثل الأول تعويضا يوازي ثمن كراء ثلاث سنوات الأولى ، في حين أن التعويض الثاني يوازي كراء ثمانية عشر شهرا، ففي في حالة إثبات أن الشخص المطلوب الفراغ لفائدته لا يتوفر على سكن في ملكه لكنه غير كافي لحاجاته العادية، فقد نصت المادة 19 من القانون 49.16 على أن المكتري يستحق تعويضا يوازي كراء ثلاث سنوات حسب أخر سومة كرائية للمحل الملحق كما أن نفس المادة نصت على أنه يتعين على الشخص المطلوب الإفراغ لفائدته أن يعتمر المحل شخصيا داخل أجل أقصاه ستة أشهر من تاريخ مغادرته من طرف المكتري و لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ما لم يكن هناك عذرا مقبول وإلا حق المكتري المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر يوازي كراء ثمانية عشر شهرا حسب قيمة أخر وجيبة كرائية
خاتمة :
إن أي قانون مهما بلغ من الكمال و الانسجام في نصوصه لا يعتبر غاية في حد ذاته بل مجرد وسيلة لتحقيق الأمن القانوني و ضمان استقرار المعاملات، و أن الكشف عن عيوب القانون و مدى قصور مقتضياته لا يمكن أن تتم إلا عند تطبيقه و ملامسة نصوصه للواقع العملي و كشف اختلالاته و عيوب نصوصه لا يمكن أن يتم إلا أمام القضاء ،
فالعمل القضائي هو الكفيل بملاحظة انسجام النص و حركته و مرونته من عدمها. اذ أن القضاء المغربي كرس جملة من الاجتهادات من خلال قراراته إذ اعتبرت المفتاح في كثير من النوازل ، و قانون الكراء التجاري الجديد لا يمكنه أن يتجاوز عاهات الظهير الملغى إلا من خلال حركية نصوصه و مرونتها نظرا لأن نوازل الكراء التجاري مختلفة و متعددة.
تعليقات
إرسال تعليق